ومن أدلة أهل البدع العقلية التي يستدلون بها عَلَى أهل السنة، قولهم: أنتم تقولون: إن الرحمن استوى عَلَى العرش، إذاً هو عال عَلَى جميع المخلوقات، فقبل أن يخلق العرش أين كان؟ أما نَحْنُ فنقول: إنه الآن عَلَى ما كَانَ عليه، قبل أن يخلق السماوات والأرض، ولم يكن في علو، فيلزمكم يا أهل السنة أنه لما خلق السموات والأرض تغير، لم تكن له جهة وأصبحت له جهة.
هذا إفكهم وما كانوا يفترون، وتقولهم عَلَى الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بغير علم، ليردوا كتاب الله وسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولكن كلامهم هذا لما كَانَ مقولة نظرية، لم تقبله العقول السليمة، ولم تستسغه قلوب أهل السنة، الذين يتكلمون بالأدلة من كتاب الله وسنة رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويطالبونهم بمثل ذلك، فما كَانَ من بعض كذابيهم إلا أن وضعوا هذه الزيادة: وهو الآن عَلَى ما عليه كان، وبعضهم يرويها كحديث مستقل، يقول: كَانَ الله ولا مكان، وهو الآن عَلَى ما عليه كان.
وهذه زيادة مكذوبة، لم يقلها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم تصح في أي كتاب من كتب الحديث عَلَى كثرتها، فلم يخرجها أحد منهم، ولم يسندها إِلَى أحد حتى نبحث بعد ذلك في سندها، وإنما هو قول ليس له أصل ولا إسناد عَلَى الإطلاق، لا صحيح ولا ضعيف.